بسم الله الرحمن الرحيم
تم في هذه الورقة التعرض لعملية تقويم ومتابعة الاستراتيجية بمفهومها الشامل حيث تعرفنا على أن هناك نوعين مهمين للرقابة الاستراتيجية وهما:
نظم الرقابة الإستراتيجية
مقدمة:
إن الرقابة ركن أساسي من أركان الإدارة. فإذا كانت وظائف الإدارة الخمسة هي التخطيط والتنظيم والتوظيف والرقابة والتوجيه أو كانت أربعة وظائف هي التخطيط والتنظيم والرقابة والتوجيه، فإن الرقابة في كل الأحوال عملية أساسية في الإدارة. والرقابة هي إنعكاس من التخطيط، فما خططت له يجب أن تراقب تحقيقه. وهي عملية مستمرة بطول العمليات الإدارية.
نعرض في هذه الورقة البحثية لنظم الرقابة الاستراتيجية، باعتبارها كذلك ركن مهم وأساسي في الإدارة الاستراتيجية.
الرقابة
مفهومها وأهميتها
تعريف
الرقابة :
يمكن
تعريف الرقابة بأنها عملية منتظمة systematic process يتأكد من خلالها المدراء من مدى تنفيذ الخطط وتحقيق الأهداف
وباستخدام طرق فعالة وذات كفاءة عالية effective and efficient manner .ويصف Robert J. Mockler
الأجزاء الضرورية في العملية الرقابية control process فيقول
أن الرقابة الإدارية هي عبارة عن جهد منظم systematic effort لتحديد مقاييس للأداء لتحقيق الأهداف المخططة.
ويمكن
القول أن كلمة الرقابة قد ترعرعت جذورها مع العالم Frederick W. Taylor عند تبنيه لفكرة الإدارة العلمية في بداية القرن العشرين حيث كانت
مهملة و لم تكن مفهومة.
ويعرفها
البعض بأنها تلك العملية التي تحاول التأكيد على أن النشاطات الفعلية تتلاءم مع
النشاطات المرغوب فيها أو الأهداف التي سبق تحديدها. فالرقابة تعمل على كشف
الانحرافات وتصحيحها كما تزود المدير بتغذية راجعة تساعده في تحديد الأهداف
المستقبلية ووضع المعايير أو المقاييس اللازمة .
ويمكننا
القول أن الرقابة هي عملية التأكد من أن ما تم التخطيط له هو ما تم تنفيذه وكشف
الانحرافات وتصحيحها إن وجدت للوصول إلى الأهداف المحددة مسبقاً، وبهذا
التعريف يمكن استنتاج الآتي :
1-
لا بد من وجود هدف مخطط له .
2-
أن يكون هناك أداءً مخططاً له .
3-
أن هناك أداء سيتحقق عند التنفيذ .
4-
سيتم تقيم الأدائين .
5-
سيتم كشف الانحرافات .
6-
سيتم تصحيح الانحراف بالسرعة المناسبة .
7-
التأكد من أن الهدف قد تحقق .
نظم
الرقابة الاستراتيجيةStrategic Control
ويقصد بها نوع من الرقابة التوجيهية Steering control والتي يغطى نطاقها الزمنى في العادة الفترة من بداية تنفيذ الاستراتيجية وحتى تحقيق النتائج المرجوة، والتي يحدث فيها كثير من التطورات والتغيرات في كافة المتغيرات التي تم بناء الاستراتيجية وتطبيقها بناء عليها.
ويقصد بها نوع من الرقابة التوجيهية Steering control والتي يغطى نطاقها الزمنى في العادة الفترة من بداية تنفيذ الاستراتيجية وحتى تحقيق النتائج المرجوة، والتي يحدث فيها كثير من التطورات والتغيرات في كافة المتغيرات التي تم بناء الاستراتيجية وتطبيقها بناء عليها.
ولذلك
فإنه قد يترتب عليها تعديل في أي من هذه المتغيرات سواء كانت متعلقة
بالاستراتيجيات أو الأهداف الاستراتيجية أو التشغيلية بناء على ما أظهرته نتائج
الرقابة أولاً بأول في المراحل التي تم الانتهاء منها.
وتتكون الرقابة الاستراتيجية من أربعة أنواع أساسية هي:
وتتكون الرقابة الاستراتيجية من أربعة أنواع أساسية هي:
1.
الرقابة
على الافتراضات الاستراتيجية Premise control
2.
الرقابة
أثناء التنفيذ Implementation control
3.
المراقبة
الاستراتيجية Strategic Surveillance
4.
مراجعة
حذرة للظروف خاصة Special alert control
خصائص
نظام الرقابة الفعالة:
ü المرونة بما يسمح
للمديرين من الاستجابة للأحداث غير المتوقعة. إذ أن الرقابة توفر المعلومات عن
الأداء المراقب ووجود المعلومات عن الأداء يساعد المديرين على الاستجابة.
ü تقديم المعلومات
الصحيحة عن الأداء التنظيمي.
ü إمداد المديرين
بالمعلومات في الوقت المناسب، حيث يعتمد نجاح عملية صنع القرار على مدى حداثة
المعلومة.
دور
الرقابة : Role of control
تعتبر
الرقابة الوظيفة الرئيسية الرابعة للإدارة، ومن خلالها يمكن تحقيق الأهداف والخطط
الاقتصادية، بالإضافة إلى وظائف الإدارة الأخرى. وتعتبر التخطيط والرقابة وظيفتين
متلازمتين تعتمد كل منهما على الأخرى ولذلك فإن الرقابة تلعب دوراً مهماً في
مساعدة المدراء من خلال خمسة تحديات وهي:
1)
التغلب على المشكلات والمصاعب في حالات عدم التأكد: Coping with
Uncertainty:
إن
الأشياء قد لا تتماشى عادة مع الخطط الموضوعية أو أهداف المؤسسة التي سيتم تنفيذها
وتحقيقها مستقبلاً لأن هناك الكثير من العوامل البيئية التي قد تحدث تغييرات
مستمرة، ومن هنا نشأت كلمة غموض أو حالات عدم التأكد مثل حالة الطلب على المنتج
التكنولوجي، مدى وفرة المادة الخام، ولذلك ومن خلال تطور نظام رقابي فعال قد يمكن
الإدارة من متابعة أنشطتها وتمنحها السرعة في كشف وتصحيح الانحرافات وتحقيق
الأهداف .
2)
كشف الأشياء غير المنتظمة: Detecting Irregularities
فأهمية
الرقابة تتمثل في كشف الأشياء غير المنتظمة أو التي تتصف بالشذوذ والغير مرغوب
فيها في المنشأة مثل عيوب المنتجات، ارتفاع التكاليف، ارتفاع معدل دوران العمل،
وبذلك فإن الكشف المبكر للأشياء الغير عادية في الغالب قد يوفر للمنشأة الوقت
والمال والجهد ويحد من المشكلات أو المصاعب الصغيرة والتي قد تصبح أكثر تعقيداً
لاحقاً.
3)
تحديد الفرص . Identifying opportunities
وتتمثل
أهمية الرقابة في التركيز أو الإشارة إلى المواقف أو العمليات التي تؤدى بصورة
جيدة وغير متوقعة والتي من شأنها أن تنبه وتوجه الإدارة إلى فرص مستقبلية محتملة، فشركة
الاتصالات الفلسطينية على سبيل المثال كانت تعلم جيداً ومن خلال التقارير حجم
الطلب الكبير على الهاتف الخلوي ساعدها في وضع استراتيجيات تجارية وتسويقية ناجحة
لكل فروعها بل تعدته لتحدد طبيعة الأجهزة المرغوب شراءها ومكان شراءها وحتى كيفية
عرضه وكيفية إقناع العميل بحيازته.
4)
إدارة المواقف الصعبة Handling complex situations :
قد
ينمو ويتسع حجم المنشأة أو ترتبط بمشاريع عمليات كبيرة ومعقدة وبالتالي لا بد من
استخدام العملية الرقابية لتعزيز عملية التنسيق coordination، كذلك فإن العمل في ظل القواعد الدولية غالباً ما يؤدي إلى زيادة
درجة التعقيد أو الصعوبات التي تواجهها الإدارة مما يدعو إلى ضرورة وجود نظام
رقابي جيد .
5)
لا مركزية السلطة . Decentralization Authority
إن
وجود نظام رقابي جيد يعزز ويشجع المدراء على اتخاذ قرارات بتفويض السلطات
للمستويات الإدارية الدنيا وهذا يعني أن الرقابة تساعد الإدارة في تجاوز المحددات
والقدرات الإنسانية، كما أنها تساعد في عملية التنظيم من خلال الحصول على المصادر
المادية والبشرية وتوجيهها نحو تحقيق الهدف.
وأخيراً
تتمثل أهمية الرقابة إلى حد كبير في أغراضها وأهدافها من خلال عملية التقييم
والمتابعة وتصحيح الأداء، فالأنظمة الرقابية تزود الشركة بقوة التوجيه والتكامل
والتحفيز. وبذلك نستطيع القول أن الشركات التي تتمتع بإدارة جيدة هي تلك الشركات
التي تمتلك أنظمة رقابية فعالة، والتي من شأنها أن تعزز قدرتها على تنفيذ
استراتيجياتها.
مستويات
الرقابة: Levels
of Control
إن
مسئولية وظيفة التخطيط تختلف باختلاف المستويات الإدارية، ولذلك فإن مسئولية وظيفة
الرقابة تختلف باختلاف المستوى، وبالتالي فإن هناك ثلاث مستويات رقابية تعمل على
زيادة احتمالات تحقيق الخطط والسياسات والأهداف المحددة وهي:-
أولاً
: الرقابة الاستراتيجية : Strategic Control
وهذا
النوع من الرقابة يتضمن مراقبة ومتابعة العوامل البيئية الأكثر تعقيداً والتي
يمكنها التأثير وبصورة كبيرة على مدى تطبيق الخطط الاستراتيجية، كما ويتضمن تقييم
جوهر أو فحوى الإجراءات التنظيمية الاستراتيجية المتخذة والتأكيد على تنفيذ الخطط
الاستراتيجية كما خطط لها، وتساهم الرقابة الاستراتيجية في وضع خطط رقابية تكتيكية
وتشغيلية، والجدير ذكره أن الرقابة الاستراتيجية تتم وبصورة أساسية من خلال مدراء
الإدارة العليا Top-Level
Managers الذين يتمتعون بالخبرة وبالنظرة الشمولية
لكل أنشطة وأقسام المنشأة المختلفة .
ثانياً
: الرقابة التنفيذية أو الرقابة التكتيكية : Managerial Control/
Tactical Control
وهي
نوع من أنواع الرقابة التي تقوم بها الإدارة الوسطى Middle Management والتي تركز على تقييم عملية التنفيذ للخطط التكتيكية، متابعة
النتائج الدورية المرافقة لعملية التنفيذ، متابعة مدى التقدم في معالم الخطة ومدى
تحقيق الأقسام لأهدافها وبرامجها وموازنتها و متابعة التقارير الأسبوعية والشهرية
للخطط ، ويمكننا القول أن هذه الرقابة يمكنها المشاركة مع الرقابة الاستراتيجية من
خلال تقديم المعلومات المتعلقة بالقضايا الاستراتيجية والتنبيه للأحداث الخصة.
ثالثاً
: الرقابة التشغيلية : Operational Control
وهذا
النوع من الرقابة يقوم به مديري المستويات الإدارية الدنيا Low-Level Mangers من خلال الإشراف على تنفيذ الخطط التشغيلية، متابعة النتائج
اليومية للأنشطة، اتخاذ الإجراءات الصحيحة عند الطلب، إعداد الجداول، الموازنات، القواعد،
ومخرجات محددة عادة ما تكون مخصصة للأفراد .
والرقابة
التشغيلية تقدم تغذية راجعة عما يجري في المنشأة وعلى المدى القريب وللتعرف أيضاً
على مدى تحقيق كل من الأهداف القصيرة والطويلة الأجل .
الخصائص الرئيسية لنظم الرقابة الاستراتيجية
نوع النظام الرقابي
|
الخصائص الأساسية
|
الرقابة على الافتراضات.
|
الفروض التي بنيت عليها الاستراتيجية عالية
متوسطة منخفضة .
|
الرقابة أثناء التنفيذ.
|
الرقابة درجة التركيز المعلومات المتاحة، و درجة
رسميتها درجة مركزيتها والعوامل المستخدمة - بيئية - صناعية - عوامل خاصة
بالاستراتيجية - عوامل خارجية.
|
الرقابة الاستراتيجية.
|
الاركان والتهديدات الاستراتيجية الاساسية. (عالية،
متوسطة، نادرة). التهديدات والفرص المتحملة والمتعلقة بالاستراتيجية (منخفضة
نادرة).
|
مراجعة الظروف الفجائية الخاصة
|
حدوث أي حدث غير محتمل يمكن معرفته (عالية).
|
الخاتمة:
تم في هذه الورقة التعرض لعملية تقويم ومتابعة الاستراتيجية بمفهومها الشامل حيث تعرفنا على أن هناك نوعين مهمين للرقابة الاستراتيجية وهما:
نظم
الرقابة الاستراتيجية.
ونظم
الرقابة التشغيلية.
مع
ضرورة التنبيه على الجميع والتكامل بين الاثنين، حيث كثيراً ما يتم التركيز على
نظم الرقابة التشغيلية ويهمل جانب الرقابة الاستراتيجية ثم تعرفنا بعد ذلك على أهم
المقاييس التي يمكن استخدامها لقياس الأداء بحيث تراعى الجمع بين النوعين السابقين
من نظم الرقابة ومن هذه المقاييس:
مقاييس
مالية.
مقاييس
خاصة بأصحاب المصالح المختلفة.
مقاييس
القيمة المضافة.
مقاييس
تقويم أداء الادارة العليا.
مقاييس
تقويم أداء وحدة الأعمال الاستراتيجية.
مقاييس
خاصة بمراكز المسئولية المختلفة.
ثم
تعرضنا بعد ذلك لأهم المواصفات الضرورية لنظام الرقابة الاستراتيجي الجيد.
وقد
اتضح لنا جلياً الدور الرئيس للرقابة في نجاح الإدارة الاستراتيجية حيث تتمثل
أهمية الرقابة إلى حد كبير في أغراضها وأهدافها من خلال عملية التقييم والمتابعة
وتصحيح الأداء. فالأنظمة الرقابية تزود الشركة بقوة التوجيه والتكامل والتحفيز.
وبذلك نستطيع القول أن الشركات التي تتمتع بإدارة جيدة هي تلك الشركات التي تمتلك
أنظمة رقابية فعالة، والتي من شأنها أن تعزز قدرتها على تنفيذ استراتيجياتها
والوصول للريادة والنجاح المستدام.
المراجع:
أ.
د. عمر أحمد عثمان المقلي. مقررات جامعة السودان المفتوحة مقرر الإدارة الاستراتيجية.
د.
محمد بن علي شيبان العامري. منشورات معهد مهارات النجاح المملكة العربية السعودية.