الأربعاء، 18 نوفمبر 2015

نظم الرقابة الإستراتيجية

بسم الله الرحمن الرحيم
نظم الرقابة الإستراتيجية
مقدمة:
إن الرقابة ركن أساسي من أركان الإدارة. فإذا كانت وظائف الإدارة الخمسة هي التخطيط والتنظيم والتوظيف والرقابة والتوجيه أو كانت أربعة وظائف هي التخطيط والتنظيم والرقابة والتوجيه، فإن الرقابة في كل الأحوال عملية أساسية في الإدارة. والرقابة هي إنعكاس من التخطيط، فما خططت له يجب أن تراقب تحقيقه. وهي عملية مستمرة بطول العمليات الإدارية.
نعرض في هذه الورقة البحثية لنظم الرقابة الاستراتيجية، باعتبارها كذلك ركن مهم وأساسي في الإدارة الاستراتيجية.
الرقابة مفهومها وأهميتها
تعريف الرقابة :
يمكن تعريف الرقابة بأنها عملية منتظمة systematic process يتأكد من خلالها المدراء من مدى تنفيذ الخطط وتحقيق الأهداف وباستخدام طرق فعالة وذات كفاءة عالية effective and efficient manner .ويصف Robert J. Mockler الأجزاء الضرورية في العملية الرقابية control process فيقول أن الرقابة الإدارية هي عبارة عن جهد منظم systematic effort لتحديد مقاييس للأداء لتحقيق الأهداف المخططة.

ويمكن القول أن كلمة الرقابة قد ترعرعت جذورها مع العالم Frederick W. Taylor عند تبنيه لفكرة الإدارة العلمية في بداية القرن العشرين حيث كانت مهملة و لم تكن مفهومة.
ويعرفها البعض بأنها تلك العملية التي تحاول التأكيد على أن النشاطات الفعلية تتلاءم مع النشاطات المرغوب فيها أو الأهداف التي سبق تحديدها. فالرقابة تعمل على كشف الانحرافات وتصحيحها كما تزود المدير بتغذية راجعة تساعده في تحديد الأهداف المستقبلية ووضع المعايير أو المقاييس اللازمة .
ويمكننا القول أن الرقابة هي عملية التأكد من أن ما تم التخطيط له هو ما تم تنفيذه وكشف الانحرافات وتصحيحها  إن وجدت  للوصول إلى الأهداف المحددة مسبقاً، وبهذا التعريف يمكن استنتاج الآتي :

1- لا بد من وجود هدف مخطط له .
2- أن يكون هناك أداءً مخططاً له .
3- أن هناك أداء سيتحقق عند التنفيذ .
4- سيتم تقيم الأدائين .
5- سيتم كشف الانحرافات .
6- سيتم تصحيح الانحراف بالسرعة المناسبة .
7- التأكد من أن الهدف قد تحقق .
نظم الرقابة الاستراتيجيةStrategic Control
ويقصد بها نوع من الرقابة التوجيهية Steering control والتي يغطى نطاقها الزمنى في العادة الفترة من بداية تنفيذ الاستراتيجية وحتى تحقيق النتائج المرجوة، والتي يحدث فيها كثير من التطورات والتغيرات في كافة المتغيرات التي تم بناء الاستراتيجية وتطبيقها بناء عليها.
ولذلك فإنه قد يترتب عليها تعديل في أي من هذه المتغيرات سواء كانت متعلقة بالاستراتيجيات أو الأهداف الاستراتيجية أو التشغيلية بناء على ما أظهرته نتائج الرقابة أولاً بأول في المراحل التي تم الانتهاء منها.
وتتكون الرقابة الاستراتيجية من أربعة أنواع أساسية هي:
1.    الرقابة على الافتراضات الاستراتيجية Premise control
2.    الرقابة أثناء التنفيذ Implementation control
3.    المراقبة الاستراتيجية Strategic Surveillance
4.    مراجعة حذرة للظروف خاصة Special alert control 
خصائص نظام الرقابة الفعالة:
ü     المرونة بما يسمح للمديرين من الاستجابة للأحداث غير المتوقعة. إذ أن الرقابة توفر المعلومات عن الأداء المراقب ووجود المعلومات عن الأداء يساعد المديرين على الاستجابة.
ü     تقديم المعلومات الصحيحة عن الأداء التنظيمي.
ü     إمداد المديرين بالمعلومات في الوقت المناسب، حيث يعتمد نجاح عملية صنع القرار على مدى حداثة المعلومة.
دور الرقابة   : Role of control
تعتبر الرقابة الوظيفة الرئيسية الرابعة للإدارة، ومن خلالها يمكن تحقيق الأهداف والخطط الاقتصادية، بالإضافة إلى وظائف الإدارة الأخرى. وتعتبر التخطيط والرقابة وظيفتين متلازمتين تعتمد كل منهما على الأخرى ولذلك فإن الرقابة تلعب دوراً مهماً في مساعدة المدراء من خلال خمسة تحديات وهي:



1) التغلب على المشكلات والمصاعب في حالات عدم التأكد: Coping with Uncertainty:
إن الأشياء قد لا تتماشى عادة مع الخطط الموضوعية أو أهداف المؤسسة التي سيتم تنفيذها وتحقيقها مستقبلاً لأن هناك الكثير من العوامل البيئية التي قد تحدث تغييرات مستمرة، ومن هنا نشأت كلمة غموض أو حالات عدم التأكد مثل حالة الطلب على المنتج التكنولوجي، مدى وفرة المادة الخام، ولذلك ومن خلال تطور نظام رقابي فعال قد يمكن الإدارة من متابعة أنشطتها وتمنحها السرعة في كشف وتصحيح الانحرافات وتحقيق الأهداف .

2)  كشف الأشياء غير المنتظمة: Detecting Irregularities
فأهمية الرقابة تتمثل في كشف الأشياء غير المنتظمة أو التي تتصف بالشذوذ والغير مرغوب فيها في المنشأة مثل عيوب المنتجات، ارتفاع التكاليف، ارتفاع معدل دوران العمل، وبذلك فإن الكشف المبكر للأشياء الغير عادية في الغالب قد يوفر للمنشأة الوقت والمال والجهد ويحد من المشكلات أو المصاعب الصغيرة والتي قد تصبح أكثر تعقيداً لاحقاً.

3) تحديد الفرص . Identifying opportunities
وتتمثل أهمية الرقابة في التركيز أو الإشارة إلى المواقف أو العمليات التي تؤدى بصورة جيدة وغير متوقعة والتي من شأنها أن تنبه وتوجه الإدارة إلى فرص مستقبلية محتملة، فشركة الاتصالات الفلسطينية على سبيل المثال كانت تعلم جيداً ومن خلال التقارير حجم الطلب الكبير على الهاتف الخلوي ساعدها في وضع استراتيجيات تجارية وتسويقية ناجحة لكل فروعها بل تعدته لتحدد طبيعة الأجهزة المرغوب شراءها ومكان شراءها وحتى كيفية عرضه وكيفية إقناع العميل بحيازته.

4) إدارة المواقف الصعبة Handling complex situations :
قد ينمو ويتسع حجم المنشأة أو ترتبط بمشاريع عمليات كبيرة ومعقدة وبالتالي لا بد من استخدام العملية الرقابية لتعزيز عملية التنسيق coordination، كذلك فإن العمل في ظل القواعد الدولية غالباً ما يؤدي إلى زيادة درجة التعقيد أو الصعوبات التي تواجهها الإدارة مما يدعو إلى ضرورة وجود نظام رقابي جيد .

5) لا مركزية السلطة . Decentralization Authority
إن وجود نظام رقابي جيد يعزز ويشجع المدراء على اتخاذ قرارات بتفويض السلطات للمستويات الإدارية الدنيا وهذا يعني أن الرقابة تساعد الإدارة في تجاوز المحددات والقدرات الإنسانية، كما أنها تساعد في عملية التنظيم من خلال الحصول على المصادر المادية والبشرية وتوجيهها نحو تحقيق الهدف.

وأخيراً تتمثل أهمية الرقابة إلى حد كبير في أغراضها وأهدافها من خلال عملية التقييم والمتابعة وتصحيح الأداء، فالأنظمة الرقابية تزود الشركة بقوة التوجيه والتكامل والتحفيز. وبذلك نستطيع القول أن الشركات التي تتمتع بإدارة جيدة هي تلك الشركات التي تمتلك أنظمة رقابية فعالة، والتي من شأنها أن تعزز قدرتها على تنفيذ استراتيجياتها.

مستويات الرقابة: Levels of Control
إن مسئولية وظيفة التخطيط تختلف باختلاف المستويات الإدارية، ولذلك فإن مسئولية وظيفة الرقابة تختلف باختلاف المستوى، وبالتالي فإن هناك ثلاث مستويات رقابية تعمل على زيادة احتمالات تحقيق الخطط والسياسات والأهداف المحددة وهي:-
أولاً : الرقابة الاستراتيجية : Strategic Control
وهذا النوع من الرقابة يتضمن مراقبة ومتابعة العوامل البيئية الأكثر تعقيداً والتي يمكنها التأثير وبصورة كبيرة على مدى تطبيق الخطط الاستراتيجية، كما ويتضمن تقييم جوهر أو فحوى الإجراءات التنظيمية الاستراتيجية المتخذة والتأكيد على تنفيذ الخطط الاستراتيجية كما خطط لها، وتساهم الرقابة الاستراتيجية في وضع خطط رقابية تكتيكية وتشغيلية، والجدير ذكره أن الرقابة الاستراتيجية تتم وبصورة أساسية من خلال مدراء الإدارة العليا Top-Level Managers الذين يتمتعون بالخبرة وبالنظرة الشمولية لكل أنشطة وأقسام المنشأة المختلفة .

ثانياً : الرقابة التنفيذية أو الرقابة التكتيكية : Managerial Control/ Tactical Control

وهي نوع من أنواع الرقابة التي تقوم بها الإدارة الوسطى Middle Management والتي تركز على تقييم عملية التنفيذ للخطط التكتيكية، متابعة النتائج الدورية المرافقة لعملية التنفيذ، متابعة مدى التقدم في معالم الخطة ومدى تحقيق الأقسام لأهدافها وبرامجها وموازنتها و متابعة التقارير الأسبوعية والشهرية للخطط ، ويمكننا القول أن هذه الرقابة يمكنها المشاركة مع الرقابة الاستراتيجية من خلال تقديم المعلومات المتعلقة بالقضايا الاستراتيجية والتنبيه للأحداث الخصة.

ثالثاً : الرقابة التشغيلية : Operational Control

وهذا النوع من الرقابة يقوم به مديري المستويات الإدارية الدنيا Low-Level Mangers من خلال الإشراف على تنفيذ الخطط التشغيلية، متابعة النتائج اليومية للأنشطة، اتخاذ الإجراءات الصحيحة عند الطلب، إعداد الجداول، الموازنات، القواعد، ومخرجات محددة عادة ما تكون مخصصة للأفراد .
والرقابة التشغيلية تقدم تغذية راجعة عما يجري في المنشأة وعلى المدى القريب وللتعرف أيضاً على مدى تحقيق كل من الأهداف القصيرة والطويلة الأجل .
الخصائص الرئيسية لنظم الرقابة الاستراتيجية

نوع النظام الرقابي
الخصائص الأساسية
الرقابة على الافتراضات.
الفروض التي بنيت عليها الاستراتيجية عالية متوسطة منخفضة .
الرقابة أثناء التنفيذ.
الرقابة درجة التركيز المعلومات المتاحة، و درجة رسميتها درجة مركزيتها والعوامل المستخدمة - بيئية - صناعية - عوامل خاصة بالاستراتيجية - عوامل خارجية.
الرقابة الاستراتيجية.
الاركان والتهديدات الاستراتيجية الاساسية. (عالية، متوسطة، نادرة). التهديدات والفرص المتحملة والمتعلقة بالاستراتيجية (منخفضة نادرة).
مراجعة الظروف الفجائية الخاصة
حدوث أي حدث غير محتمل يمكن معرفته (عالية).







الخاتمة

تم في هذه الورقة التعرض لعملية تقويم ومتابعة الاستراتيجية بمفهومها الشامل حيث تعرفنا على أن هناك نوعين مهمين للرقابة الاستراتيجية وهما:
نظم الرقابة الاستراتيجية.
ونظم الرقابة التشغيلية.
مع ضرورة التنبيه على الجميع والتكامل بين الاثنين، حيث كثيراً ما يتم التركيز على نظم الرقابة التشغيلية ويهمل جانب الرقابة الاستراتيجية ثم تعرفنا بعد ذلك على أهم المقاييس التي يمكن استخدامها لقياس الأداء بحيث تراعى الجمع بين النوعين السابقين من نظم الرقابة ومن هذه المقاييس:
مقاييس مالية.
مقاييس خاصة بأصحاب المصالح المختلفة.
مقاييس القيمة المضافة.
مقاييس تقويم أداء الادارة العليا.
مقاييس تقويم أداء وحدة الأعمال الاستراتيجية.
مقاييس خاصة بمراكز المسئولية المختلفة.
ثم تعرضنا بعد ذلك لأهم المواصفات الضرورية لنظام الرقابة الاستراتيجي الجيد.
وقد اتضح لنا جلياً الدور الرئيس للرقابة في نجاح الإدارة الاستراتيجية حيث تتمثل أهمية الرقابة إلى حد كبير في أغراضها وأهدافها من خلال عملية التقييم والمتابعة وتصحيح الأداء. فالأنظمة الرقابية تزود الشركة بقوة التوجيه والتكامل والتحفيز. وبذلك نستطيع القول أن الشركات التي تتمتع بإدارة جيدة هي تلك الشركات التي تمتلك أنظمة رقابية فعالة، والتي من شأنها أن تعزز قدرتها على تنفيذ استراتيجياتها والوصول للريادة والنجاح المستدام.

المراجع:
أ. د. عمر أحمد عثمان المقلي. مقررات جامعة السودان المفتوحة مقرر الإدارة الاستراتيجية.

د. محمد بن علي شيبان العامري. منشورات معهد مهارات النجاح المملكة العربية السعودية.

ورقة بحثية في نَظَرِيَّاتُ مَا بَعْد الجَّوْدَةِ الشَّامِلَةِ

بسم الله الرحمن الرحيم

 ورقة بحثية في
 نَظَرِيَّاتُ مَا بَعْد الجَّوْدَةِ الشَّامِلَةِ
مقدمة:
لقد أدت الجودة الشاملة منذ نشأتهل وتطورها، أدت خدمات جليلة للإنسانية جمعاء و للمنشآت والمنظمات على وجه الخصوص. وظلت تتطور وتتكامل حتى بلغت شأواً بعيداً في الدقة والتنظيم. وصارت لها إدارات متخصصة بل ومنظمة عالمية للمقاييس والمواصفات، تهتم بتطوير نظم الجودة وتفصل في تحسينها.
لقد تفرعت العديد من النظريات كوسائل لتحقيق الجودة، و تعدت استخداماتها حتى باتت مناهج إدارية ذات كيان مستقل. فأصبحت بدايات لما بعد الجودة الشاملة والجودة الاستراتيجية.
نستعرض في هذه الورقة البحثية نماذج من نظريات ما بعد الجودة.


1-
مفهوم الجودة الشاملة :
إن اﻹدارة : هي القدرة على التأثير في اﻵخرين لبلوغ اﻷهداف المرغوبة.
الجودة : تعني الوفاء بمتطلبات المستفيد وتجاوزها.
الشاملة : تعني البحث عن الجودة في كل جانب من جوانب العمل، ابتداء من التعرف على احتياجات المستفيد وانتهاء بتقويم رضا المستفيد من الخدمات أو المنتجات المقدمة له. كما أنه يمكن القول بأن إدارة الجود الشاملة تعني في مجملها أنها : " نظام يتضمن مجموعة من الفلسفات الفكرية المتكاملة واﻷدوات اﻹحصائية والعمليات اﻹدارية المستخدمة لتحقيق اﻷهداف، ورفع مستوى رضا العميل والموظف على حد سواء، وذلك من خلال التحسين المستمر للمؤسسة وبمشاركة فعالة من الجميع من أجل منفعة الشركة والتطوير الذاتي لموظفيها، وبالتالي تحسين نوعية الحياة في المجتمع.
إن جابلونسكي( 1993) Jablonskei ذكر أن مفهوم إدارة الجودة الشاملة كغيرة من المفاهيم اﻹدارية التي تتباين بشأنة المفاهيم واﻷفكار وفقاً لزاوية النظر من قبل هذا الباحث أو ذاك إﻻ أن هذا التباين الشكلي في المفاهيم يكاد يكون متماثلاً في المضامين الهادفة إذ إنه يتمحور حول الهدف الذي تسعى لتحقيقة المنظمة والذي يتمثل بالمستهلك من خلال تفاعل كافة اﻷطراف الفاعلة فيها " 
إن من أبرز المفاهيم للجودة تعريف معهد المقاييس البريطاني الذي أورده محفوظ ( 2006م) حيث ذكر أن معهد المقاييس البريطاني عرف إدارة الجودة الشاملة بأنها فلسفة إدارية تشمل كافة نشاطات المنظمة التي من خلالها يتم تحقيق احتياجات وتوقعات العميل والمجتمع، وتحقيق أهداف المنظمة كذلك بأكفأ الطرق واقلها تكلفة عن طريق اﻻستخدام اﻷمثل لطاقات جميع العاملين بدافع مستمر للتطوير.
وقد عرفها جوزيف جابلونسكي بقوله " أنها شكل تعاوني ﻷداء اﻷعمال بتحريك المواهب والقدرات من العاملين واﻹدارة لتحسين اﻹنتاجية والجودة بشكل مستمر مستخدمة فرق العمل، باعتبار أن ذلك يتضمن المقومات اﻷساسية الثلاثة ﻹدارة الجودة الشاملة الناجحة في أي مؤسسة وهي: اﻹدارة التشاركية والتحسين المستمر في العمليات واستخدام فرق العمل .
2.
نشأة وتطور إدارة الجودة الشاملة:
إن الجودة كمفهوم وممارسة قديمة جداً وتمتد جذورها في أعماق التاريخ والحضارات اﻹنسانية القديمة. ولكنها كحقل علمي ونظام إداري له أسس ومبادئ تعد حديثة النشأة حيث بدأت مع منتصف القرن العشرين وخاصة عندما تم تطبيق مبادئها في المنشآت الصناعية اليابانية .
إن تطور إدارة الجودة الشاملة ليس وليد فراغ، ولم يكن حدثاً طارئاً بقدر ما كان نتيجة جهود مستمرة ومساهمات متنوعة أدت في النهاية إلى تشكيل إدارة الجودة الشاملة كمفهوم وفلسفة ومدخل إداري حديث بالشكل الذي نراة اليوم. وبشكل عام مر تطور إدارة الجودة الشاملة بسلسلة من المراحل مع مراعاة أن هذه المراحل لم تكن بشكل هزات وطفرات مفاجئة وإنما نتاج تطور مستقر وثابت وهذه المراحل تشمل ما يلي :
1-  مرحلة الفحص والتفتيش :
(امتدت هذه المرحلة ما بين (1890-1920)) وهي المرحلة التي تركز على التفتيش وفحص المنتجات بعد إنتاجها حيث كان اﻻعتماد أساساً على مطابقة المنتجات النهائية بالمواصفات المحددة. وتسمى هذه المرحلة إطفاء الحرائق ﻷن هدفها كان منع المنتجات المعيبة من الوصول للمستهلكين فهي ﻻ تمنع وقوع الخطأ بل تركز على اكتشاف الخطأ الذي وقع فعلاً. في ظل هذة المرحلة كان التركيز ينصب على المخرجات وكان يسمح بوجود نسبة من التلف والعيوب في المنتجات النهائية كما كانت مسؤولية الجودة تقع على عاتق قسم مراقبة الجودة.
2- مرحلة مراقبة الجودة :
(امتدت هذه المرحلة ما بين (1920-1940)) في هذة المرحلة من تطور الجودة تم تأسيس قسم للجودة في المؤسسة أوكلت إلى هذا القسم مهام مراقبة جودة المنتج واختباره ورفع تقارير عنه خلال مراحل اﻹنتاج التي تمر بها المؤسسة وقد أتاحت هذه المرحلة من تطور الجودة الكشف المبكر عن العيوب واستخدمت فيها اﻷساليب اﻹحصائية في مراقبة اﻹنتاج بشكل مكثف مما سمح بالكشف المبكر عن اﻻنحرافات قبل حدوث العيوب. غير أنه ﻻ زالت هناك مشاكل، فكلما ازداد عدد العينات التي يقوم قسم الجودة باختبارها، كلما أصبحت الفترة الزمنية لحصول أقسام اﻹنتاج على نتائج اﻻختبارات أطول. وقد كان يستغرق دقائق أو ساعات أو ورديات كاملة حتى يصبح باﻹمكان إعلام عامل التشغيل إيقاف العمل. ورغم أن هذه المرحلة أكثر تطوراً من مرحلة الفحص والتفتيش إﻻ أن التقدم في إدارة الجودة جعل اﻻعتماد على مراقبة الجودة غير كاف وغير ملائم بمفرده لتحقيق التحسين المستمر المنشود .

3- مرحلة تأكيد الجودة :
(امتدت هذه الفترة ما بين (1940-1960)) في ظل هذه المرحلة أصبح التركيز على منع وقوع اﻷخطاء من خلال اﻹجراءات الوقائية فالجودة تبنى في مرحلة التصميم، والتي تشمل تصميم المنتج والعمليات، وليس في مرحلة الرقابة. كما أنه في ظل هذة المرحلة أصبح هناك اهتمام متزايد بتخطيط الجودة وتصميم المنتج وتطوير العمليات والخدمات وتحسين الرقابة على العمليات والمشاركة والتحفيز .

4- مرحلة حلقات الجودة :
(امتدت هذه المرحلة ما بين (1960-1980)) تعرف حلقات الجودة على إنها عبارة عن مجموعة من الموظفين من نفس اﻹدارة أو القسم يتطوعون للاجتماع بشكل دوري لمناقشة المواضيع والمشكلات المتعلقة بالعمل، واقتراح الحلول المناسبة لها، ووضع هذه الحلول موضع التنفيذ بعد موافقة اﻹدارة عليها. ووفق هذا المنظور تعد حلقات الجودة إحدى الطرق التي يتم خلالها تطوير الجودة من خلال مشاركة الموظفين، مما يؤثر إيجابياً على تطوير مهاراتهم وإبداعهم وكسب ثقتهم في الوقت ذاته. كما أنها تؤدي إلى زيادة تحفيزهم للعمل وزيادة وعيهم بأهمية الجودة .
وتكمن أهمية حلقات الجودة أيضاً في تطوير المهارات القيادية للأعضاء من خلال ترؤسهم لحلقات الجودة وهذا يؤدي إلى استخدام الموظفين بشكل أكثر فعالية مما يؤدي في النهاية إلى تحسين الجودة وأساليب العمل.

5- مرحلة إدارة الجودة الشاملة:
(امتدت هذه المرحلة ما بين (1980-2000)) ظهرت هذة المرحلة لتمثل فلسفة جديدة أساسها التحسين المستمر من خلال استخدام فرق العمل واﻷساليب اﻹحصائية وذلك ﻹنتاج منتجات ذات جودة عالية وخالية من العيوب تؤدي لتلبية توقعات العملاء. ويقوم اﻹطار الفكري والفلسفي ﻹدارة الجودة الشاملة على مجموعة من المرتكزات والمبادئ بما فيها التركيز على احتياجات وتوقعات العملاء، والتزام اﻹدارة بالتحسين المستمر بالجودة، والتركيز على النتائج والعمليات معاً، واستخدام التقنيات اﻹحصائية في القياس والتطوير، والوقاية من اﻷخطاء قبل وقوعها، واتخاذ القرارات استناداً إلى الحقائق، وقياس عائد وتكلفة الجودة.

نظريات ما بعد الجودة الشاملة:
وهي تمثل المرحلة السادسة من تطور الجودة وهي مرحلة القرن الحادي والعشرين و هي المرحلة المستقبلية التي تشير إليها الأبحاث العلمية في هذا الميدان بأنها ستكون مرحلة الاهتمام بالمستهلك من خلال تقديم و إنتاج كل ما يرحب به المستهلك من حيث سهولة و سرعة الحصول على المنتج عند الطلب.
يمكننا أن نقول وبمصداقية عالية أن التطورات في الجودة الشاملة أخذت منحى تطوير نظريات ونظم تعالج مشاكل أو قصور في جوانب الأعمال المختلفة لإدارة المؤسسات الاستثمارية والمتخصصة. حيث استمرت تطورات نشأت عنها تحسينات أكثر تحديداً وتفصيلاً مثل تحسين جودة الإنتاج أو تتسحين العمليات والإجراءات أو التحسين المتكامل أو التحسين المتدرج، مما أظهر نظريات واستراتيجيات مثل استراتيجية الكايزن ودوائر أو حلقات الجودة، طريقة البوكا يوكا أو الستة سيجما وأخيراً إدارة الجودة الاستراتيجية.
في كل الأحوال ظلت تطويرات المواصفات القياسية العالمية و سلسلة المواصفات آيزو 9000 ISO   تجد مكانها لتنوع منهجها وشموله والعمل عليه بصورة منظمة ومستمرة.
أولاً سلسلة المواصفات آيزو 9000 ISO
إن مصطلح الإيزو ISO مشتق من الحروف الأولى لاسم المنظمة الدولية للتقييس International Organization Standardization و هي منظمة دولية غير تابعة للأمم المتحدة تهتم بإصدار و تعديل المواصفات و توحيدها على المستوى الدولي و التي تعمل على تسهيل تبادل السلع و الخدمات بين الدول من خلال إصدار مواصفات دولية موحدة و التي تضمن حق كل من المنتج و المستهلك و محاولة تشجيع الصناعات و إعتماد المنافسة بينها بما يساهم في تطوير إنتاج السلع و الخدمات.
إن سلسلة الإيزو 9000 ISO هي مجموعة مواصفات تحكم توثيق نظام الجودة الذي تتطابق فيه جميع المتطلبات و بما يتلاءم مع طبيعة الشركة.
و تم اشتقاق سلسلة 9000 ISO من ثلاثة أنواع من المواصفات و هي على النحو التالي:
مواصفات الدفاع البريطانية (Defence Standard) في عام 1959.
مواصفات الحلفاء (حلف الناتو) AQAP في عام 1968م.
المواصفات البريطانية 5750 BS في عام 1997م.
و إن أهم ما تتصف به سلسلة الإيزو 9000 ISO هي أن مواصفاتها الخاصة بالحالات التعاقدية لها القدرة على منح شهادات إثبات المطابقة مع القياس الدولي و هي شهادة معترف بها و معتمدة دولياً، و تعد سلسلة مواصفات الإيزو 9000 ISO إجماعاً دولياً على مجموعة عناصر تمثل الحد الأدنى من المتطلبات اللازمة لتطبيق نظام الجودة الذي يعتبر رضا المستهلك هدفاً أساسياً له.
متطلبات الأيزو ISO 9000 :
لقد بدأت المواصفات القياسية العالمية منذ العام 1946م ثم تطورت واشتركت فيها 91 دولة وتم إصدارها مكتوبة ومراجعة في العام 1994م.
إن مواصفات الإيزو الصادرة سنة 1994 تختص بعمليات التصميم و التطوير و الشراء و التركيب و الخدمة فالشركة التي تقوم بهذه العمليات يمكنها تطبيق إيزو 9000 ISO ، و التي تضم عشرين متطلباً رئيسياً تشكل نموذجاً لضمان الجودة و يمكن تناولها كما يأتي:
المتطلب01:مسؤولية الإدارة: يعد هذا المتطلب الأكثر أهمية كون الإدارة العليا تمثل الركن الأهم في الشركة، و تبرز هنا مسؤولية الإدارة في تحديد سلسلة من أنشطة الجودة و إعلان التزامها بمفاهيم الجودة.
المتطلب02:نظام الجودة: يبين هذا المتطلب إجراءات نظام الجودة و ينص هذا المتطلب أيضاً على ضرورة تصميم نظام متكامل للجودة في الشركة بحيث يحدد أهدافها و إجراءاتها ووسائلها و المستندات المصاحبة لكل ذلك في جميع المستويات الإدارية للشركة.
المتطلب03:مراجعة العقد: القصد من هذا المتطلب هو التحقق من أن العمل الذي يتم في أي مجال إنما يكون تحقيقاً لرغبة عميل خارجي أياً كانت صفته و الهدف من ذلك هو ضمان دقة الأداء في أي مجال سبق الاتفاق عليه مع العميل.
المتطلب04:ضبط التصميم: و يقصد بذلك توفير الإجراءات الكفيلة للتأكد من ترجمة رغبات العملاء من مواصفات عامة إلى تصميم المنتج بحيث يكون ذلك أساساً للعمليات الإنتاجية في الشركة وصولاً إلى مرحلة خدمات ما بعد البيع.
المتطلب05:ضبط الوثائق: الهدف من هذا المتطلب هو السيطرة على حجم و تدفق و استخدام الوثائق وفقاً لنظام المواصفات الذي يتم تحديده مسبقاً من حيث تحديد المسؤوليات و الصلاحيات فيما يتعلق باستخدام و تداول الوثائق بما يحقق أهداف الجودة.
المتطلب06:المشتريات: يقصد بهذا المتطلب أن يكون هناك نظام لضبط المشتريات يؤدي إلى ضمان الجودة في الشركة.
المتطلب07:ضبط المنتج المورد من طرف العميل: أحياناً يقدم العميل مواداً أو أجزاء من المنتجات التي تدخل في إنتاج منتجات الشركة فضلاً عن المعلومات الكافية التي يقدمها العميل عن كيفية خزنها و استعمالها، و كذلك كيفية المحافظة على هذه المواد و كذلك ما هي متطلبات صيانتها لحين استخدامها.
المتطلب08:تمييز المنتج و تتبعه: ينبغي على الشركة (المجهز) إعطاء المنتجات أرقام أو أسماء أو إشارات تميز كل منها و المحافظة على تلك التعريفات الخاصة بالبيانات لبيان هويتها، أما عملية التتبع فيقصد بها تعقب المنتج، إذ تشمل هذه العملية القدرة على متابعة المنتج من حيث تاريخه و منشأ المواد الأولية الداخلة في إنتاجه.
المتطلب09:ضبط العمليات: ينص هذا المتطلب على ضرورة تحديد و تخطيط و رقابة جميع عمليات الإنتاج المؤثرة في جودة المنتج و توثيقها بأسلوب يلائم عمليات الإنتاج.
المتطلب10:التفتيش و الاختبار: ينبغي على الشركة تحدي إجراءات الاختبار و التفتيش و توثيقها بما يحقق متطلبات نظام الجودة و كذلك يتطلب تحديد عمليات الضبط اللازمة لجميع عمليات الاستلام و التفتيش لجميع المشتريات و المواد الواردة إلى الشركة و التي تدخل في عمليات الإنتاج.
المتطلب11:ضبط معدات التفتيش و الاختبار و القياس: ينبغي معايرة الأجهزة و المعدات الخاصة بالتفتيش و الاختبار و القياس بشكل دوري لغرض التحقق من سلامة نتائجها و دقتها.
المتطلب12:حالة التفتيش و الاختبار: و يقصد بهذا المتطلب هو التأكد من حالة المنتج هل تم فحصه أم لا و ما هي نتيجة الفحص من حيث قبوله أو رفضه.
المتطلب13: يحتاج هذا المتطلب إلى تحديد إجراءات موثقة لضمان عدم استخدام المنتجات غير المطابقة للمواصفات، و إمكان عزلها و عدم وصولها إلى العملاء.
المتطلب14:الإجراءات التصحيحية و الوقائية: يقصد بهذا المتطلب هو جميع الإجراءات أو الأنشطة التي تتخذ لإزالة حالات عدم المطابقة. كذلك معرفة أسباب عدم المطابقة لكل منتج أو عملية إنتاج و تسجيل نتائجها، أما الأنشطة الوقائية فهي الأنشطة المتخذة لإزالة حالات عدم المطابقة أو لمنع حدوثها أو التخلص من أسباب عدم المطابقة و منع تكرار حدوثها.
المتطلب15: يعني هذا المتطلب بيان المتطلبات الأساسية لجودة أماكن التخزين من حيث ضبط الجودة وفقاً لطبيعة المنتجات و تحديد أسلوب المناولة و التحميل و المسافة المطلوبة للمرات المخزنة اللازمة لتدفق المواد و أسلوب تصنيفها و كيفية تحديد هويتها و يتضمن المتطلب جميع عمليات المناولة و التخزين و التعبئة و الحفظ و التسليم.
المتطب16:ضبط سجلات الجودة: يهدف هذا المتطلب إلى وجود سجلات كاملة و دقيقة يسهل حفظها و الرجوع إليها لاسترجاع المعلومات المتعلقة بنظام الجودة.
المتطلب17:المراجعة الداخلية للجودة: يعد هذا المتطلب نظاما مستقلاً لتحديد فيما إذا كانت أنشطة الجودة و النتائج المتعلقة بها متماشية مع ما هو مخطط لها و بيان فيما إذا تم تنفيذ هذه الأنشطة بشكل فاعل و كفؤ بغية الوصول إلى الأهداف الفرعية.
المتطلب18:التدريب: يعتبر هذا المتطلب أساسياً في نجاح نظام الجودة و يتطلب تحديد الإجراءات الموثقة لبيان احتياجات التدريب للعاملين.
المتطلب19:الخدمة: ينبغي على الشركة (المجهز) عند تقديم الخدمة وضع و تحديد إجراءات موثقة لكيفية أداء الخدمة و كذلك كيفية الملاحظة عليها و التحقق من مطابقتها مع رغبات المستهلك و التي تم تحديدها مسبقاً.
المتطلب20:الأساليب الإحصائية: يهدف هذا المتطلب إلى ضرورة استخدام الأساليب الإحصائية الخاصة بضبط الجودة مثل مخططات بارتيو و إيشيكاوا و الخرائط الأخرى للضبط الإحصائي للجودة و يهدف هذا المتطلب أيضاً إلى تحديد إجراءات موثقة خاصة بمتطلبات الأساليب الإحصائية و المحافظة عليها بهدف إحكام ضبط نظام الجودة في الشركة.
ثانياً الكايزن:
 كايزن باليابانية改善) ) كلمة مركبة من جزأين تعني «التغيير للأفضل»، هي وسيلة لتحقيق التحسين المستمر[1] وفلسفة ابتكرها تاييشي أوهونو(Taiichi Ohno)   لقيادة المؤسسات الصناعية والمؤسسات المالية، وأيضاً إمكانية تطبيقها في كل نواحي الحياة، معتمدة على التحليل والعملية. في ميدان الأعمال والصناعات في العادة تشير كلمة الـ كايزن إلى النشاطات التي تؤدي باستمرار إلى تحسين جميع مناحي العمل، كالصناعة والتسيير الإداري محسنة النشاطات الموحدة وطرق العمل. تعمل فلسفة الـ كايزن بالأساس على الحيلولة دون وجود الهدر في الجهد والطاقة والوقت. نفذت النظرية في عدة ميادين خلال إعادة إصلاح اليابان بعد الحرب العالمية الثانية ومنذ ذلك الحين انتشرت في ميادين الأعمال في كل أنحاء العالموقد بعث مفهوم الكايزن للوجود وعلى شأنه أكثر عام 1984 على يد الخبير الياباني ماساكي إماي.
يعتبر الكايزن عملية تحسين دائمة تتميز بالآتي :
·         التأثير الواضح (Significant)
·         تركز على الأماكن الأهم استراتيجياً (Strategically important areas)
·         تحقق نتائج سريعة (Speedily Achieved)
·         المحافظة على استمراريتها (Sustainable)
ثالثاً دوائر أو حلقات الجودة:
حلقات الجودة بالإنجليزية: (Quality Circles) هي من تقنيات الإدارة التشاركية في إطار نظام الجودة في نطاق الشركة حيث تقوم فرق صغيرة من (عادة 6 إلى 12) الموظفين بالتشكل طوعا لتحديد وحل مشكلة جودة أو أداء معينة. في اليابان (حيث نشأت هذه الممارسة) دوائر الجودة هي جزء لا يتجزأ من إدارة المشاريع وتسمى دوائر مراقبة الجودة. يعتبر مفهوم حلقات الجودة من المفاهيم الحديثة والتي أخذت اهتماما كبيراَ من قبل المنظمات خاصة في ظل العولمة وازدياد حدة التنافس بين المنظمات بحيث أصبح التركيز على جودة المنتج أو السلعة وتمتعه بالخصائص والمميزات التي توافق ذوق المستهلك من المفاتيح الرئيسية للنجاح والمنافسة خاصة وأن تمايز أذواق المستهلكين من جهة وتنوع السلعة والخدمات المعروضة والجهات التي تقدمها من جهة أخرى قد شكل تحدياَ للمنظمات لكي تحاول تثبيت أقدامها في وسط هذه الدوامة. من هنا شكلت حلقات الجودة جزءاَ كبيراَ من الحل بحيث أصبحت أداة فعالة في يد المنظمات لتحسين جودة ما تنتجه ومما هو معروف فإن الجودة هي أداة التنافس حالياَ سواءً على صعيد الخدمة أو السلعة المقدمة أو حتى على صعيد العمليات الداخلية في المؤسسة فهذه الأخيرة إن لم تتمتع بجودة في أدائها وتنفيذها ضاع الكثير من الوقت والموارد والتجهيزات سدى .
رابعاً بوكا يوكي:
بوكا يوكي مصطلح ياباني و بالإنجليزية: Poka Yoke) من اليابانية (ポカヨケ) ومعناه "تفادي الخطأ"، أو يعني "اثبات او منع الأخطاء المهملة أو غير المقصودة Mistake-proofing". ويشمل هذا المصطلح ايّة آلية في عملية التصنيع المرن LMP، التي تساعد العامل على تجنب حدوث الأخطاء في كل مراحل العملية الإنتاجية او اكتشافها عند حدوثها.
ويهدف بوكا يوكي إلى القضاء على العيوب في المنتجات، من خلال التصميم الجيد للعملية او وضع التقنيات التي تساعد على منع حدوث الأخطاء او اكتشافها عند حدوثها ولفت انتباه العامل لها، ليقوم بتحديد هذه الأخطاء ثم البحث عن أسبابها، والقيام بتصحيحها، قبل ان تتحول إلى عيب في المنتج، وعدم السماح لها بالانتقال إلى المحطة التالية على خط الإنتاج، بحيث لا تصل هذه العيوب الى المستهلك.
ومثال ذلك: تجميع الأجزاء غير السليمة، او وضعها في غير المكان المخصص لها، او نسيان إضافة او وضع بعض الأجزاء او المكونات في العملية التصنيعية.
وتكمن الفكرة الجوهرية لمصطلح "Poke-Yoke" في تخطيط وتصميم العملية الإنتاجية بشكل جيد، وتصميم الأدوات والمعدات الصناعية المناسبة، بحيث يصبح حدوث الأخطاء مستحيلا، او على الأقل يسهل اكتشافها في البداية، ومن ثم العمل على تصحيحها في الحال، قبل ان تتحول الى عيوب، وبذلك يتم التخلص من العيوب في المنتج.
وقد اوجد أوجد هذا الأسلوب للسيطرة على الجودة المهندس الياباني Shingo Shigeo عام 1961م، وهو مهندس صناعي كان يعمل لدى شركة تويوتا للسيارات، وتم تطبيقه في هذه الشركة كجزء من نظام تويوتا الإنتاجي TPS. وتتكون بوكا يوكي من كلمتين يابانيتين: "yokeru" وتعني "لتجنب To avoid"، و "بوكا" وتعني "الأخطاء المهملةInadvertent errors "، وأصبح المصطلح بمجمله يعني "منع الأخطاء المهملة". والمصطلح الانكليزي المماثل والمستخدم من قبل شينغو هو "تجنب الخطأ Error avoidance". كما يشتهر مصطلح "mistake proofing" أي إدراك او إثبات الأخطاء.
6 سيجما ():
ما هي (6سيجما)؟ (What is six sigma?)
المقصود بالرقم 6 في (6 سيجما) الذي يسبق رمز التفاوت أو الانحراف المعياري هو عدد التفاوتات من المتوسط الحقيقي للعملية والذي يحقق الجودة بنسبة 99.9999998% عندما تطابق قيمة المتوسط الحقيقي قيمة المتوسط المرغوب. أي أن هناك 0.002 وحدة معيبة في كل مليون وحدة. وكحد أقصى فان عدد الوحدات المعيبة لكل مليون لا يتجاوز 3.4 وحدة عندما يكون هناك انحراف عن المتوسط المرغوب لا يتجاوز 1.5 من قيمة التفاوت. أي أن نسبة الجودة في هذه الحالة لا يقل عن 99.99966%.
استراتيجية تعتمد على منهجية بنائية تضم عدد من الأدوات الإحصائية المتقدمة والخرائط التوضيحية يتم توظيفها بشكل متكامل لتحسين مستوى جودة العمليات والمنتجات بواسطة فرق مدربة تدريب خاص على هذا الأسلوب. وهي عبارة عن طريقة حديثة للمنشأة تعمل على قياس التشتت الإحصائي وتحدد أجزاء العملية التي تحتاج إلى تحسين عن طريق :
       قياس المدخلات والفعالية والمخرجات
       ربط ذلك مع متطلبات العميل
       تحديد أماكن التحسين
       إعادة المقارنة المرجعية
إدارة الجودة الاستراتيجية
هي تلك العملية التي تنظم الأهداف الطويلة للجودة و تحدد الطريقة التي تستوفي بها هذه الاهداف. وهي اعادة لتعريف الجودة. وهي عملية متطورة و مستمرة تديرها الإدارة العليا. وذلك في ظل المنافسة وسرعة التغيرات العالمية. و رغم حداثة المصطلح فقد أصبح ضرورة استراتيجية لأى منظمة .
إن إدارة الجودة الاستراتيجية ليست هي بديل عن التخطيط الاستراتيجي بل هي مكمل ورابط لبرنامج التحديث و التطوير لنظام العمل و نشرة على كافة المستويات الادارية.
نجاح ادارة الجودة الاستراتيجية يتطلب مدراء مختلفين فكرياً و تطبيقياً  يميلون الى نحو الابداع و التحديث المستمر .
ازالة العوائق والمشكلات المؤسسية يبدأ من خلال مفهوم التكامل الاداري بين الانشطة القائدة و النظام  حتى يتحقق النجاح الشامل والريادة.
تستخدم منهجية الجودة الاستراتيجية في الشركات :
ü     الباحثة عن التميز والراغبة في السرعة و اختراق حواجز المنافسة.
ü     تفعيل دور وسائل ومنهجيات العمل الداخلي مع التكامل بالتخطيط الاستراتيجي.
ü     النظرة المستقبلية نحو أهداف أكثرا تحقيقا و وضع أفضل في سوق المنافسة.
ü     الاهتمام ببيئة العمل الداخلية والبنية التحتية و مناخ العمل و المرونة في التشغيل و رفع مستوى الوعي من خلال تنمية المهارات الادارية والفنية و السلوكية.
ü     تخطي مرحلة الاخفاق وخاصة عند مرحلة النشر والوعي من خلال ادارة المعرفة والاتصالات المتشابكة وحسن استخدام التقنية لمعرفة متطلبات العميل و تحديد معايير وعناصر الخدمة الفعالة على مستوى العالم.
ü     اعادة تعريف الجودة من خلال التدقيق في ربطها مع متطلبات العملاء فلابد أن تكون جزء من عملية التخطيط الاستراتيجي.

خاتمة:
إن هذه النظريات تمثل قيمة مضافة حقيقية لتطور الجودة منذ نشأتها. وهي تغطي الكثير من التفاصيل في عمليات التصميم والتوريد والترويج الإنتاج والتسويق والخدمات.
إن الاستخدام الكفء والفعال لهذه النظريات من قبل الادارة هو الذي يحقق للمنظمة أهدافها الاستراتيجية من نمو وتعزيز المكانة والسمعة في السوق و اكتساب الميزة التنافسية.
لقداثبتت التجارب والدراسات أن نظريات ما بعد الجودة الشاملة تسهم بقدر كبير في الإدارة المتكاملة لادارة موارد المنظمات والشركات، وما توفره من جهد و زمن وتكلفة لها أكبر الاثر في إتخاذ القرارات الادارية والاستثمارية. حيث تدعم القدرة التنافسية بقوة بمساعدتها على اتخاذ القرارات السليمة والمناسبة وتحقيق الجودة.

المراجع
1.   د. عبد الله عبد الرحيم إدريس مقرر إدارة الجودة الشاملة جامعة السودان المفتوحة.
2.   النعيمي، جبر بن حمود (2006م) ,اتجاهات القيادات الأمنية نحو تطبيق ادارة الجودة الشاملة بدولة قطر، رسالة ماجستير منشورة، جامعة نايف العربية للعلوم الامنية، الرياض، المملكة العربية السعودية.
3.   الطس، فيصل محمد، (1430ه), آراء المعلمين نحو تطبيق معايير الجودة الشاملة في تدريس مادة المكتبة والبحث بالمرحلة الثانوية بمدينة جدة، رسالة ماجستير منشورة، جامعة ام القرى، مكة المكرمة، المملكة العربية السعودية.
4.   زقزوق، خالد جميل (2008م), تطبيق مبادئ إدارة الجودة الشاملة لتحسين أداء كلية خدمة المجتمع والتعليم المستمر بجامعة أم القرى, رسالة ماجستير منشورة, جامعة ام القرى, مكة المكرمة, المملكة العربية السعودية .
5.   أحمد محمد غنيم: إدارة الجودة الشاملة. ط 2 المكتبة العصرية للنشر و التوزيع مصر .2008.
6.    حمدي عبد العظيم: المنهج العلمي لإدارة الجودة الشاملة، الدار الجامعية للنشر و التوزيع الإسكندري، مصر 2007 .
7.    د.هاني عبد الرحمن العمري جامعة الملك عبد العزيز منهجية إدارة الجودة الاستراتيجية.
8.    حمداوي وسيلة:الجودة ميزة تنافسية في البنوك التجاري-مديرية النشر لجامعة قالمة- الجزائر -2009م.